تعليم في الحكم الملكي
يمكننا اكتشاف النزعات السياسية الدينية التي راودت فكر الرواة والكتاب أن ندلي ببعض الأفتراضات في تأليف سفر صموئيل فإن هذين السفرين هما تعليم أكثر من تاريخ لإسرائيل القديم ومن المهم أن نتخلص عناصر هذا التعليم الرئيسية فالموضوع السائد هو موضوع الحكم الملكي ليس هناك محاولة لإخفاء الالتباسات التي رافقت قيام هذا الحكم لإسرائيل ملك وهو الرب فكيف يمثله اذاً ملك بشري؟ حل المشكلة لمصلحة المؤسسة الملكية إذ ان الرب وصموئيل وسيطه هما اللذان في آخر الأمر توليا تعيين شاول واذا كان هناك مع ذلك اشارة صريحة إلى مباردة الشعب فقد يعني ذلك أن ملك الأنسان لا يأتي شرعاً من إرادة الانسان بل من السلطة الالهية وان الحكم الملكي في إسرائيل ليس حكم الشعب ولا حكم الفرد بل يظل خاضعاً لحكم الله قد يكون في الأمر إشارة إلى أن شاول قد عاني شخصياً من أنه طلب وهذا معنى اسمه في العبرية فهناك تشديد على ما في الأخطاء التي أدت إلى سقوط شاول من طابع ديني للدلالة على أنه لا يجوز للملك أن يتعدى على ميدان ليس ميدانه ومن هنا الأهمية المعلقة في سفر صموئيل الأول والثاني على ما يعود إلى العبارة من أدوات وشعائر وخدام وعلى الخصوص من تابوت العهد الذي لا يمس ومذبح اوشليم بحسب
سفر صموئيل الثاني 6 : 7
فاشتد غضب الرب على عزا وضربه الله هناك بسبب هفوته فمات هناك عند تابوت الله
سفر صموئيل الثاني الفصل الرابع والعشرون
وعاد غضب الرب فآحتدم على إسرائيل فحرض عليهم داود قائلا اذهب فأحص إسرائيل ويهوذا فقال الملك ليوآب قائد الجيش الذي معه طف في جميع أسباط إسرائيل من دان الى بئر سبع وأحصوا الشعب لكي أعلم عدد الشعب فقال يوآب للملك ليزد الرب إلهك الشعب أمثاله مئة ضعف وعينا سيدي الملك ناظرتان وأما سيدي الملك فماذا يريد بهذا الأمر؟لكن كلام الملك تغلب على يوآب وعلى قواد الجيش فخرج يوآب وقواد الجيش من عند الملك ليحصوا شعب إسرائيل فعبروا الأردن وبداوا بعروعير والمدينة التي في وسط وادي جاد جهة يعزير وأتوا إلى جلعاد وإلى أرض الحثيين في قادش ثم أتوا إلى دان ياعن وما حولها نحو صيدون ثم أتوا إلى حصن صور وجميع مدن الحويين والكنعانيين ثم ذهبوا إلى نقب يهوذا إلى بئر سبع ولما طافوا في تلك الأرض كلها رجعوا إلى أورشليم بعد تسعة أشهر وعشرين يوما فرفع يوآب أرقام إحصاء الشعب إلى الملك، فكان مجموع إسرائيل ثماني مئة ألف رجل محارب مستل سيف ومجموع رجال يهوذا خمس مئة ألف رجل فخفق قلب داود من بعد إحصاء الشعب وقال داود للرب قد خطئت خطيئة كبيرة فما صنعت والأن يا رب أغفر إثم عبدك لأني بحماقة عظيمة تصرفت فلما نهض داود في الصباح كان كلام الرب إلى جاد النبي رائي داود قائلا إمض فقل لداود هكذا يقول الرب أني عارض عليك ثلاثا فآختر لنفسك واحدة منها فأنزلها بك فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سني مجاعة في أرضك أم تهرب أمام أعدائك ثلاثة أشهر وهم في إثرك أم يكون ثلاثة أكلام طاعون في أرضك؟ ففكر الأن وأنظر فيما أجيب به مرسلي من الكلام فقال داود لجاد قد ضاق بي الأمر كثيرا فلنقع في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أقع في يد الناس فبعث الرب الطاعون في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل وبسط الملاك يده على أورشليم ليدمرها فندم الرب على الشر وقال للملاك المهلك الشعب كفى فكف الأن يدك وكان ملاك الرب عند بيدر أرونا اليبوسي ورأى داود الملاك الذي كان يضرب الشعب فقال للرب أنا الذي خطئت وأنا الذي فعلت السوء وأما اولئك الخراف فاذا فعلوا؟فلتكن علي يدك وعلى بيت أبي فأتى جاد في ذلك اليوم إلى داود وقال له إصعد فأقم مذبحا للرب في بيدر أرونا اليبوسي فصعد داود كما قال جاد بحسب أمر الرب ونظر أرونا فرأى الملك ورجاله آتين إليه فخرج أرونا وسجد للملك بوجهه إلى الأرض وقال أرونا لماذا جاء سيدي الملك إلى عبده؟فقال داود لأشتري منك البيدر لكي أبني فيه مذبحا للرب فتكف الضربة عن الشعب فقال أرونا لداود ليأخذ سيدي الملك ويصعد ما يحسن في عينيه هوذا البقر للمحرقة والنوارج وأدوات البقر تكون حطبا وهذا كله أيها الملك يقدمه أرونا للملك وأضاف أرونا فقال للملك الرب إلهك يرضى عنك فقال الملك لأرونا كلا بل أشتري منك بثمن فلست أصعد للرب إلهي محرقات مجأنية فآشترى داود البيدر والبقر بخمسين مثقالا من الفضة وبنى هناك داود مذبحا للرب وأصعد محرقات وذبائح سلامية فعطف الرب على تلك الأرض كفت الضربة عن إسرائيل
إن الملك المثالي هو داود يتغلب عليه هذا الطابع المثالي ولا سيما في مطلع ملكه رواية مآثرة والمودة التي يوحي بها وكرم أخلاقه وتواضعه دون إخفاء ان حياته كانت حياة جندي سعيد ولم يكن يفونهم أن يشيروا إلى الخضوع الذي برهن عنه الرب وإلى اهتمامه باستشارة المشيئة الإلهية وهكذا تقبل توبيخ النبي ناتان على أثر الزنى الذي ارتكبه داود وهذا ما يدل على أن الملك في اسرائيل غير معفى من الشرائع لكن داود لم يعاقب كما عوقب شاول فقد حصل على تاكيد من أن أحد بنيه سيملك مكانه وهذا الابن هو سليمان الذي أحيط منذ مولده بمحبة الله أن سفر صموئيل الأول والثاني هما اذاً دفاع عن سلالة يهوذا فقد جاء في نبوءة ناتان في
سفر صموئيل الثاني الفصل السابع
ولما سكن الملك في بيته وأراحه الرب من كل الجهات من جميع أعدائه قال الملك لناتأن النبي أنظر أني ساكن في بيت من أرز وتابوت الرب ساكن في داخل الخيمة فقال ناتأن للملك إمض فآصنع كل ما في قلبك لأن الرب معك كلام الرب في تلك الليلة إلى ناتأن قائلا اذهب فقل لعبدي داود هكذا يقول الرب أأنت تبني لي بيتا لسكناي؟أني لم أسكن بيتا مذ يوم أصعدت بني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم بل كنت أسير في خيمة وفي مسكن فهل تكلمت في مسيري مع جميع بني إسرائيل بكلمة مع أحد قضاة إسرائيل ممن أمرته أن يرعى إسرائيل شعبي قائلا لماذا لم تبنوا لي بيتا من الأرز؟فقل الأن لعبدي داود هكذا يقول رب القوات أني أخذتك من المرعى من وراء الغنم لتكون رئيسا على شعبي إسرائيل كنت معك حيثما سرت وقرضت جميع أعدائك من أمامك وسأقيم لك اسما عظبما كأسماء العظماء الذين في الأرض وأجعل مكانا لشعبي إسرائيل وأغرسه فيستقر في مكانه ولا يضطرب من بعد ولا يعود بنو الإثم يذلونه كما كان من قبل من يوم أقمت قضاة على شعبي إسرائيل وسأريحك من جميع أعدائك وقد أخبرك الرب أنه سيقيم لك بيتا واذا تمت أيامك وآضطجعت مع آبائك اقيم من يخلفك من نسلك الذي يخرج من صلبك واثبت ملكه فهو يبني بيتا لآسمي وأنا اثبت عرش ملكه للأبد أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا وإذا أثم أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني البشر وأما رحمتي فلا تنزع عنه كما نزعتها عن شاول الذي أبعدته من أمام وجهك بل يكون بيتك وملكك ثابتين للأبد أمام وجهك وعرشك يكون راسخا للأبد فكلم ناتأن داود بهذا الكلام كله وهذه الرؤيا كلها فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال من أنا أيها السيد الرب وما بيتي حتى بلغت بي إلى ههنا؟وقل هذا في عينيك أيها السيد الرب فتكلمت أيضا إلى بيت عبدك في أمرالمستقبل البعيد تلك سنة الأنسأن أيها السيد الرب فماذا يعود داود يكلمك وأنت قد عرفت عبدك أيها السيد الرب؟فمن أجل كلمتك وبحسب قلبك عملت هذا العمل العظيم كله لتعلم عبدك لذلك قد عظمت أيها السيد الرب لأنه لا مثيل لك ولا إله سواك في كل ما سمعناه بآذأننا وأية أمة مثل شعبك إسرائيل؟أفي الأرض أمة أخرى سار الله ليفقديها لنفسه شعبا ويجعل لها أسما ويعمل لكم ذلك العمل العظيم ولأرضك هذه الأعمال الرهيبة بسبب شعبك الذي آفقديته لنفسك من مصر من الأمم ومن آلهتها؟وثبت لنفسك شعبك إسرائيل شعبا لك للأبد وأنت يا رب صرت له إلها والأن أيها الرب الإله أقم للأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته وآفعل كما قلت ليعظم اسمك للأبد ويقال رب القوات إله على إسرائيل فيكون بيت عبدك داود ثابتا أمامك لأنك أنت يا رب القوات اله إسرائيل أوصيت إلى عبدك قائلا أبني لك بيتا لذلك تشجع قلب عبدك ليصلي إليك هذه الصلاة والأن أيها السيد الرب أنت هو الله وكلامك حق وقد وعدت عبدك بهذا الخير فالأن تعطف وبارك بيت عبدك ليكون أمامك للأبد لأنك أيها السيد الرب تكلمت ومن بركتك يبارك بيت عبدك للأبد
التي لم يتأثر مضمونها الجوهري بتحريرها اللاحق ان بيت داود سيجلس دائماً أبداً على عرش أورشليم أيا كانت أخطاء أعضائه المالكين الشخصية
ان هذه الفكرة الدينية التي ظهرت على الأرجح في وقت ساد فيه الأعتقاد بأن حكم يهوذا الملكي مضمون لمستقبل طويل كتب لها نجاح عظيم أكسب سفر صموئيل الأول والثاني مكانتهما في تاريخ الحكم النهائي سيأتي يوم يرتكب فيه الملوك الأخطاء ما تبدو له الملكية عينها محكوماً عليها وسيصدر الحكم النهائي عليها في السنة 587 قبل الميلاد خراب الهيكل وجلاء السكان الثاني إلى بابل ومع ذلك لن يكفوا عن الإيمان بضمان الخلود الذي وهبه الله لبيت داود وسينتظرون بثقة مجيء ابن لداود جدير بما وعد به جده هو المشيح أنه ملك مثالي ولكنه متحدر حقاً بالجسد من الذي أختاره الرب حوالي السنة 1000 قبل الميلاد
اعداد الشماس سمير كاكوز
تعليقات
إرسال تعليق